السبت، 9 يناير 2016

......هذا العبقري الملهم فهل سنقتدي به .....


......هذا العبقري الملهم فهل سنقتدي به .....
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين وبعد :
قال الإمام البخاري في الصحيح (3011 )
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن أبيه حدثنا حبيب بن أبي ثابت قال حدثني أبو وائل قال : كنا بصفين فقام سهل بن حنيف فقال :
أيها الناس اتهموا أنفسكم فإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا
فجاء عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟فقال ( بلى ) .
فقال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال ( بلى ) .
قال فعلام نعطي الدنية في ديننا أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟
فقال ( يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ) .
فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال له مثل ما قال للنبي صلى الله عليه و سلم فقال إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا فنزلت سورة الفتح فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم على عمر إلى آخرها فقال عمر يا رسول الله أو فتح هو ؟ قال ( نعم ) [1] وأخرجه مسلم رقم ( 1785 )
وقال رحمه الله ( 6878)
 حدثنا عبدان أخبرنا أبو حمزة سمعت الأعمش قال سألت أبا وائل هل شهدت صفين ؟
قال نعم فسمعت سهل بن حنيف يقول :
( ح ) . وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل قال قال سهل بن حنيف
 : يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم لرددته وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه غير هذا الأمر.
وأخرجه مسلم( 1785)



قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في المجموع [11/205-208 ]
( .. فقد ثبت أن لأولياء الله مخاطبات ومكاشفات؛ فأفضل هؤلاء في هذه الأمة بعد أبى بكر
عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فإن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر .
وقد ثبت في الصحيح تعيين عمر بأنه محدَّث في هذه الأمة، فأي محدث ومخاطب فرض في أمة محمد صلى الله علية وسلم فعمر أفضل منه .
ومع هذا فكان عمر رضي الله عنه يفعل ما هو الواجب عليه، فيعرض ما يقع له على ما جاء به الرسول صلى الله علية وسلم .
فتارة يوافقه فيكون ذلك من فضائل عمر كما نزل القرآن بموافقته غيره مرة, وتارة يخالفه فيرجع عمر عن ذلك .
كما رجع يوم الحديبية لما كان قد رأى محاربة المشركين، والحديث معروف في البخارى[2] وغيره .
فإن النبي صلى الله علية وسلم قد اعتمر سنة ست من الهجرة ومعه المسلمون نحو ألف وأربعمائة وهم الذين بايعوه تحت الشجرة، وكان قد صالح المشركين بعد مراجعة جرت بينه وبينهم على أن يرجع في ذلك العام ويعتمر بعد العام القابل
 وشرط لهم شروطًا فيها نوع غضاضة على المسلمين في الظاهر
فشق ذلك على كثير من المسلمين، وكان الله ورسوله أعلم وأحكم بما في ذلك من المصلحة،
وكان عمر فيمن كره ذلك حتى قال للنبى صلى الله علية وسلم :
 يا رسول الله، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : " بلى "
 قال : أفليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟
قال : " بلى " قال : فعلام نعطى الدنية في ديننا ؟ !
فقال له النبي  : " إنى رسول الله وهو ناصرى، ولست أعصيه "
ثم قال : أفلم تكن تحدثنا أنا نأتى البيت ونطوف به ؟
قال : " بلى " . قال : " أقلت لك . إنك تأتيه العام ؟
" قال : لا، قال : " إنك آتيه ومطوف به "
فذهب عمر إلى أبى بكر رضي الله عنهما فقال له مثل ما قال النبي صلى الله علية وسلم،
فكان أبو بكر رضي الله عنه أكمل موافقة لله وللنبي صلى الله علية وسلم من عمر، وعمر رضي الله عنه رجع عن ذلك، وقال : فعملت لذلك أعمالًا .
وكذلك لما مات النبي صلى الله علية وسلم أنكر عمر موته أولا .!!!
فلما قال أبو بكر : إنه مات رجع عمر عن ذلك .
وكذلك في قتال مانعي الزكاة  قال عمر لأبى بكر : كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله علية وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها " فقال له أبو بكر رضي الله عنه : ألم يقل : " إلا بحقها " ؟ !
فإن الزكاة من حقها، والله لو منعونى عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله علية وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبى بكر للقتال، فعلمت أنه الحق .
ولهذا نظائر تبين تقدم أبى بكر على عمر،
مع أن عمر رضي الله عنه مُحدَّث، فإن مرتبة الصديق فوق مرتبة المحدث؛ لأن الصديق يتلقى عن الرسول المعصوم كل ما يقوله ويفعله، والمحدث يأخذ عن قلبه أشياء، وقلبه ليس بمعصوم فيحتاج أن يعرضه على ما جاء به النبي صلى الله علية وسلم .
ولهذا كان عمر رضي الله عنه يشاور الصحابة رضي الله عنهم ويناظهرهم ويرجع إليهم في بعض الأمور، وينازعونه في أشياء فيحتج عليهم ويحتجون عليه بالكتاب والسنة، ويقررهم على منازعته .
ولا يقول لهم : أنا محدث ملهم مخاطب فينبغى لكم أن تقبلوا منى ولا تعارضونى، فأى أحد ادعى أو ادعى له أصحابه أنه ولى لله وأنه مخاطب يجب على أتباعه أن يقبلوا منه كل ما يقوله ولا يعارضوه، ويسلموا له حاله من غير اعتبار بالكتاب والسنة فهو وهم مخطئون، ومثل هذا من أضل الناس .
فعمر بن الخطاب رضي الله عنه أفضل منه وهو أمير المؤمنين، وكان المسلمون ينازعونه فيما يقوله، وهو وهم على الكتاب والسنة
 وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله علية وسلم .
أقــــــول :
لقد كان لعمررضي الله عنه  قبل أن يقدم على مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم أمور يعرفها  ويقدرها ويعلم خطرها إلا أن دوافع إقدامه على ذلك كانت عنده أقوى وهو ما صرح به في مراجعته  للنبي صلى الله عليه وسلم وساعده على ذلك أنه لم ينفرد في كراهية تلك  الشروط التي في ظاهرها غضاضة على المسلمين بل وافقه على ذلك غيره من الصحابة الكرام
ولكنه محدث ملهم  قوي في الحق موفق في طرق أبوابه لم يكتف بمن وافقه ممن هو دونه في العلم والمعرفة من الصحابة وإنما أسند الأمر إلى من له قصب السبق  في اعتناق هذا الدين  وأعلم الناس بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم  
سأل من يراه أعلم منه وأفضل منه  ومن له سابقية في نصرة دين الله وهو الصديق رضي الله عنه
فكان جواب هذا العالم الصديق موافقا لما أجاب به رسول الله صلى الله عليه وسلم  
فما كان منه إلا التسليم والإتباع حتى ظهر له ولكل من كره من الصحابة هذا الصلح أن رأيهم كان ضد ما سماه الله عز وجل فتحا وأنزل لبيان ذلك سورة تتلى فندم وعمل لما فعل أعمالا [3]
موقف أخذ منه الصحابي الجليل سهل بن حنيف درسا بليغا في اتهام الرأي وعدم الإعتداد به وخصوصا في الأمور المشكلة وأزمنة الفتنة وكثرة من يؤججها  فقام واعظا محذرا  بقوله :
((أيها الناس اتهموا أنفسكم)) (( أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم ))












  




[1] وأخرجه أيضا  [ 3953 ، 4563 ، 6878 ]

[2]  رقم (2581)
[3]  عند أحمد في المسند  (4/ 323)  من حديث المسور بن مخرمة :  
قال عمر : (..  ما زلت أصوم وأتصدق وأصلى واعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت ان يكون خيرا ..)

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets