قال الإمام أحمد في المسند ط الرسالة (5/ 200)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَفْطَسِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا، يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَخْرُجُ مِنْ عَدَنِ أَبْيَنَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، يَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ، هُمْ خَيْرُ مَنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ " قَالَ لِي مَعْمَرٌ: " اذْهَبْ، فَاسْأَلْهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ
والحديث أخرجه أبو يعلى (4/305) والطبراني ( 11/56) وغيرهم
وهو حديث إسناده متصل صحيح رجاله كلهم ثقات وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة (2782) والشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند (3/338) وشيخنا مقبل في الصحيح المسند (1/427)
لكن رأيت في تعليق الشيخ طارق عوض الله على كتاب المنتخب من العلل للخلال ص 65 اعلالا للحديث بالإ نقطاع بين وهب بن منبه وابن عباس رضي الله عنه بما لم أره لغيره وبشيء من التكلف الغير مرضي فإنه قال بعد تخريجه :
وقال ابن الجوزي : " هذاحديث لا يصح " ثم أعله بمن دون المنذر وليس هذا بشيء فالحديث محفوظ عن المنذر رواه عنه جماعة ثقات فلا يتهيأ تضعيف الحديث بمن دونه ولو كانوا ضعفاء , إذ قد رواه غيرهم من الثقات عنه .
لكن العلة والله أعلم هي الإنقطاع بين وهب بن منبه وابن عباس فقد قال ابن معين " لم يسمع وهب من جابر شيئا " راجع تهذيب الكمال (3/140) وتهذيب التهذيب (1/316) وكتابي ردع الجاني ص118-119 فعدم سماعه من ابن عباس أولى ذلك أن ابن عباس مات قبل جابر فقد مات ابن عباس سنة ثمان وستين بينما مات جابر بعد السبعين , ومازال الأئمة يستدلون بمثل هذا على انتفاء السماع وراجع ردع الجاني ص218 ولم يخرج الشيخان إلا عن أخيه همام بن منبه ولم يخرجا له عن صحابي . والله أعلم
هذا تعليقه هداه الله وهو كما يرى القارئ فيه من التكلف والحرص على تضعيف الحديث بما لا دليل عليه ولا حجة ولا برهان وما هو الا الظنون التي تكسب القارئ الجهل بحقيقة هذا الفن الجليل
فهلا نقل كلام المزي الذي رد فيه على ابن معين نفيه السماع بما ثبت عنده بالإسناد الصحيح عن وهب تصريحه بسؤال جابر بن عبد الله رضي الله عنه وقول الحافظ عقبه من أن السماع محتمل وكيف لا يكون كذلك وقد أدرك وهب من حياة ابن عباس أكثر من ثلاثين عاما فإنه ولد سنة 34ومات سنة 114 فكيف لا يكون قد لقي جابرا الذي مات بعده كما ذكر المحقق المذكور نفسه !
قال الإمام أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال (3/ 140)
(... وروى أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن محمد بن يحيى عن إسماعيل بن عبد الكريم عن إبراهيم بن عقيل عن أبيه عن وهب بن منبه قال هذا ما سألت عنه جابر بن عبد الله وأخبرني أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول أوكوا الأسقية وغلقوا الأبواب الحديث
وهذا إسناد صحيح إلى وهب بن منبه وفيه رد على من قال إنه لم يسمع من جابر فإن الشهادة على الإثبات مقدمة على الشهادة على النفي , وصحيفة همام عن أبي هريرة مشهورة عند أهل العلم ووفاة أبي هريرة قبل وفاة جابر فكيف يستنكر سماعه منه وكانا جميعا في بلد واحد . أهـ
هذا وإنما سلكت هذه الطريقة في تثبيت لقاء وهب من جابر لترى الطريقة العلمية التي سلكها المزي في ذلك ولتعلم مخالفة الشيخ طارق عوض الله لأهل العلم في هذه المسألة وإلا فقد أثبت جمع من الحفاظ لقاء وسماع وهب من جابر وهكذا من ابن عباس ومن غيرهما
قال الإمام مسلم في الكنى والأسماء (1/ 474)
1819- أبو عبد الله وهب بن منبة بن كامل بن شيخ الصنعاني سمع جابر بن عبد الله وابن عباس.
وقال أبو عبد الله ابن مندة في كتاب فتح الباب في الكنى والألقاب (ص: 464)
(4210) - أَبُو عبد الله: وهب بن مُنَبّه الْيَمَانِيّ.
سمع: جَابر بن عبد الله، والنعمان بن بشير.
روى عَنهُ: عَمْرو بن دِينَار.
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق (63/ 366)
8076 - وهب بن منبه بن كامل بن سيج أبو عبد الله الأبناوي الذرماري الصنعاني اليماني لقي عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وجابر بن عبد الله وأبا هريرة وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك والنعمان بن بشير وأبا سعيد الخدري وروى عن ابن عباس وجابر والنعمان بن بشير وأخيه همام روى عنه عمرو بن دينار والمغيرة بن حكيم وسماك بن الفضل والمنذر بن النعمان وعبد الصمد بن معقل وعبد الكريم بن حوران ...
ونقل عن الإمام مسلم وأبي أحمد الحاكم اثبات اللقاء
وبعد هذا فالحديث صحيح لا غبار عليه وانظر للفائدة كلام الشيخ الألباني وكلام شيخنا مقبل على الحديث تزدد نورا على نور والحمد لله على توفيقه
كتبه : أبو حسان سمير القيسي
