الاثنين، 11 يناير 2016

بيان ضعف حديث " عدتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة "





بيان ضعف حديث " عدتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة "

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى والصلاة والسلام الاتمان الاكملان على خير خلق الله أجمعين نبينا وحبيبنا وإمامنا وقدوتنا محمد عليه من الله أفضل الصلوات وازكي التسليم اما بعد :
فقد كنت في مجلس والدي ومعلمي فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله قبل حج عام 1430هـ بأيام وقد سئل حفظه الله عن حديث ام سلمة رضي الله عنها الذي جاء فيه " فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به " فاجاب حفظه الله بان الحديث ضعيف وقال فيه اضطراب وان النبي في ذلك اليوم كان شعاره " افعل ولا حرج " هذا ماذكرته من جوابه حفظه الله
ثم امرني بدراسة الحديث وبيان درجته وما ذلك منه الا ليعلمنا وليقوم بحوثنا كما هي عادته في تدريسه لنا فأسال الله العظيم سؤال الصادقين ان يغفر ذنبه ويعلي منزلته في المهديين ان ربي لسميع الدعاء وحان الان وقت الشروع في المقصود فأقول :
حديث ام سلمة رضي الله عنها قالت :
كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم مساء يوم النحر فصار إلي ودخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لوهب " هل أفضت أبا عبد الله ؟ " قال لا والله يارسول الله قال صلى الله عليه
و سلم " انزع عنك القميص " قال فنزعه من رأسه ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم قال ولم يارسول الله ؟ قال " إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا " يعني من كل ما حرمتم منه إلا النساء " فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به "
أخرجه أحمد في المسند (6/295)


(1/1)


قال : حدثنا محمد بن أبي عدي . وفي ( 6/303) قال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثني أبي .
و((أبو داود)) برقم " 1999 "
قال : حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا : حدثنا ابن أبي عدي .
وابن خزيمة ( 2958 )
قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي.
كلاهما (ابن أبي عدي ، وابراهيم بن سعد والد يعقوب) عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة ، فذكراه
وقال الامام أحمد في المسند (6 / 295)
قال محمد قال أبو عبيدة وحدثتني أم قيس ابنة محصن وكانت جارة لهم قالت خرج من عندي عكاشة بن محصن في نفر من بني أسد متقمصين عشية يوم النحر ثم رجعوا إلى عشاء قمصهم على أيديهم يحملونها قالت فقلت أي عكاشة مالكم خرجتم متقمصين ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها فقال أخبرتنا أم قيس كان هذا يوما قد رخص لنا فيه إذا نحن رمينا الجمرة حللنا من كل ما حرمنا منه الا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت فإذا أمسينا ولم نطف به صرنا حرما كهيئتنا قبل ان نرمى الجمرة حتى نطوف به ولم نطف فجعلنا قمصنا كما ترين .
هكذا قال عكاشة اخبرتنا ام قيس !!
وهذا لا يستقيم فأم قيس هي السائلة وليست المجيبة الا ان يكون خطأ
وأبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة اخرج له مسلم حديثا واحدا في الرضاع وفي المتابعات !
و ذكره ابن ابي حاتم في الجرح والتعديل - (9 / 404) فقال :
(1/2)


1943 - أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة روى عن أم سلمة روى موسى بن يعقوب الزمعي عن أبى عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا شربتم اللبن فمضمضوا فإنه له دسما نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن اسم أبى عبيدة هذا فقال لا اعرف اسمه ولا اعلم أحدا سماه وهو بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي وأمه زينب بنت أم سلمة وكانت أم سلمة جدته سمعت أبى يقول أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة لا اعلم له اسما
وقال الذهبي ثقة وقال الحافظ في التقريب مقبول _ يعني عند المتابعة وإلا فلين _ وقد توبع على هذا الحديث فقد:
أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/303
فقال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن يزيد بن رومان ، عن خالد مولى الزبير بن نوفل ، قال : حدثتني زينب ابنة أبي سلمة ، فذكرته . ليس فيه : " عبد الله بن زمعة ".
ومحمد بن جعفر بن الزبير " ثقة "وخالد مولى الزبير لايدرى من هو كما قال ذلك الحسيني واقره الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة فقال خالد مولى الزبير بن نوفل عن زينب بنت أبي سلمة وعنه يزيد بن رومان لا يدرى من هو !!
وتابع ابن اسحاق على حديث ام قيس بنت محصن من وجه آخر عبد الله بن لهيعة

كما في شرح معاني الآثارللطحاوي (2 / 228) فقال :
3728 - حدثنا يحيى بن عثمان قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أم قيس بنت محصن قالت : دخل علي عكاشة بن محصن وآخر في منى مساء يوم الأضحى فنزعا ثيابهما وتركا الطيب فقلت مالكما فقالا إن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال لنا من لم يفض الى البيت من عشية هذه فليدع الثياب والطيب .
ويحيى بن عثمان هو ابن صالح بن صفوان القرشى السهمى مولاهم ، أبو زكريا المصرى ، مولى آل قيس بن أبى العاص السهمى
(1/3)


قال فيه الحافظ صدوق رمى بالتشيع و لينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله وقال الذهبي : حافظ أخبارى له ما ينكر؟
و اختلف فيه على ابن لهيعة فرواة سعيد بن ابي مريم عنه عن أبي الأسود عن عروة عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة بن وهب أن عكاشة بن وهب صاحب النبي صلى الله عليه
و سلم فذكره
ورجح الحافظ في لاصابة الرواية الاولى لمتابعة ابي عبيدة بن عبدالله بن زمعة فقال :
وكأن هذا أصح فقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عنها أخرجه... والحاكم من طريق بن إسحاق حدثني أبو عبيدة عبد الله بن زمعة حدثتني أم قيس بنت محصن وكانت جارة لهم قالت خرج من عندي عكاشة بن محصن في نفر من بني أسد متقمصين عشية يوم النحر ثم رجعوا إلى عشاء وقمصهم على أيديهم فذكر الحديث .
الخلاصة :
بعد هذا العرض يتلخص لنا ان الحديث له طريقان :
الاولى : من طريق محمد بن اسحاق بن يسار صاحب السيرة
وقد رواه عن ابي عبيدة وعن محمد بن جعفر بن الزبير
وابو عبيدة يرويه عن امه زينب وعن ابيه وعن ام قيس بنت محصن
وقد عرفت حال ابي عبيدة هذا وأنه في عداد مجهولي الحال
والطريق الاخرى فيها خالد مولى الزبير وهو " مجهول عين "
وقد يكون الحمل في هذا الحديث على محمد بن اسحاق فانه ليس بذاك الحافظ بحيث يقبل منه الحديث الذي يرويه من أوجه ، لا سيما اذا كان الحديث في الاحكام وبيان الحلال والحرام فقد قال الامام احمد بن حنبل لما سئل عنه " وأما محمد بن إسحاق فيكتب عنه هذه الاحاديث يعنى المغازي ونحوها فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوما هكذا قال أحمد بن حنبل بيده وضم يديه وأقام أصابعه الإبهامين انتهى من تاريخ ابن معين برواية الدوري ( 1 /182)
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء - (7 / 41)
وأما في أحاديث الاحكام، فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شذ فيه، فإنه يعد منكرا.هذا الذي عندي في حاله، والله أعلم. انتهى
(1/4)


لذلك غمز البيهقي الحديث به فقال في الخلافيات يشبه إن كان قد حفظه ابن يسار صار منسوخا ويستدل بالإجماع في جواز لبس المخيط بعد التحلل الأول على نسخه انتهى .
نقله العراقي في طرح التثريب
الثانية : من طريق ابن لهيعة وهو معروف بالضعف لسوء حفظه ومع ذلك فقد اختلف عليه فيه وهذا الاختلاف يجعلنا نجزم بعدم ضبط ابن لهيعة له والطريق التي رجحها الحافظ فيها يحي بن عثمان وهو وان كان صدوقا الا ان في بعض مايرويه نكارة .
فلايكفي هذا لتقوية الحديث لاسيما في حكم عام يعم جميع الحجيج ومع كثرتهم في حجة الوداع ولا ينقل الا من هذه الطرق التي لم تسلم أسانيدها من مقال ان هذا الامر مما يجعل الناظر يتوقف عن الاخذ بما دل عليه هذا الحديث لذلك تتابعت كلمات العلماء في رده وعدم الاخذ به تارة بنقل الاجماع على عدم العمل به وتارة بتعليله من جهة الاسناد وتارة بالقول بنسخه وغير ذلك واليك بعض كلماتهم
قال البيهقي في السنن الكبرى - (5 / 136)
لااعلم احدا من الفقهاء يقول بذلك
وقال ابو الفداء ابن كثير في البداية والنهاية ( 5 / 190 )
وهذا الحديث غريب جدا لا أعلم أحدا من العلماء قال به

وقال ابو محمد ابن حزم في المحلى
قال أبو محمد: وروي أثر: " أن من لم يطف بالبيت يوم النحر فإنه يعود محرما كما كان حتى يطوف به " رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه وأمه زينب بنت أم سلمة عن أمها عن أم سلمة أم المؤمنين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولا يصح، لأن أبا عبيدة وإن كان مشهور الشرف والجلالة في الرياسة فليس معروفا بنقل الحديث، ولا معروفا بالحفظ؛ ولو صح لقلنا به مسارعين إلى ذلك؛ وقد قال به عروة بن الزبير.
قال النووي في المجموع - (8 / 234)
وهذا الاسناد صحيح والجمهور على الاحتجاج بمحمد بن اسحق إذا قال حدثنا وانما عابوا عليه التدليس والمدلس إذا قال حدثنا احتج به وإذا ثبت أن الحديث صحيح فقد قال البيهقي
(1/5)


لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به هذا كلام البيهقي (قلت) فيكون الحديث منسوخا دل الاجماع على نسخه فان الاجماع لا ينسخ ولا ينسخ لكن يدل على ناسخ والله أعلم
وهكذا قال البلقيني فيمانقل عنه السخاوي في فتح المغيث (3 / 71)
قال البلقيني ومن مثل معرفة النسخ بالإجماع الحديث الذي رواه أبو داود في سننه من حديث أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لوهب بن زمعة ورجل آخر إن هذا يوم رخص لكن إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء فإذا لمستم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به وإسناده جيد وإن كان فيه محمد بن إسحاق لكنه صرح بالتحديث فهذا مما أجمع العلماء على ترك العمل به .
وقوله وهذا الإسناد صحيح .. الخ فيه نظر تقدم الكلام عليه ومن أحسن من تكلم على الحديث العلامة الالباني وقد ضعفه من طريق ابن اسحاق ثم قواه من الطريق الاخرى وحكم بصحته!!
حيث قال كما في مناسك الحج والعمرة (23) حاشية
و لما اطلع على هذا الحديث بعض الأفاضل أهل العلم قبل ذيوع الرسالة، استغربوه، و بعضهم بادر إلى تضعيفه - كما كنت فعلت أنا نفسي في بعض مؤلفاتي-، بناء على الطريق التي عند أبي داود، وهذه مع أنها قواها الإمام ابن القيم في "التهذيب" و الحافظ في "التلخيص" بسكوته عليه، فقد وجدت له طرقاً اخرى يقطع الواقف عليها بانتفاء الضعف عنه، و ارتقائه إلى مرتبة الصحة، و لكنها في مصدر غير متداول عند الجماهير، وهو "شرح معاني الآثار" للإمام الطحاوي
خفيت عليه كما خفيت علي من قبل، فلذلك بادروا إلى الاستغراب
أو التضعيف.
(1/6)


و شجعهم إلى ذلك أنهم و جدوا من قال من العلماء فيه: "لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به". و هذا نفي، و هو ليس علماً، فإن من المعلوم عند أهل العلم أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه، فإذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان صريح الدلالة كهذا، و جبت المبادرة إلى العمل به، و لا يتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه .... الخ
والذي يظهر انه لا يتقوى بهذه المتابعة لما سبق على انه رحمه الله لم يذكر الاختلاف الواقع في هذه المتابعة والطريق التي قوى بها الشيخ الالباني الحديث هي المرجوحة عند الحافظ ابن حجر وقد مر نقل ذلك عنه .
واما قول راوي الحديث ابي عبيدة بن عبدالله بن زمعة:
اولا يشد لك هذا الاثر إفاضة رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك قبل أن يمسي؟!
و الذي احتج به الشيخ الالباني وجعله مقويا للحديث حيث قال : وقواه احد رواته ...الخ
ففي كلام الراوي اشارة الى أنه انكرعليه حديثه هذا فاحتاج ان يقوي روايته بفعل النبي صلى الله عليه وسلم بطوافه يوم النحر وهذا مما يقوي أيضا جانب الإنكار فتأمل .
ومما قاله الشيخ الالباني رحمه الله مقويا للحديث :
وللحديث شواهد تقويه من حديث عائشة وابن عباس ... مرفوعا نحوه دون قوله ( فإذا أمسيتم... ) وقد مضى الكلام عليهما عند حديث عائشة رقم 1727
يشير الى حديث عائشة ( اذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شي الا النساء )
وليس فيه شاهد لهذه الزيادة لعدم ذكرها في الحديث بل جعل الشيخ ابن باز هذا الحديث وما جاء في معناه مخالفا لحديث ام سلمة كما سياتي النقل عنه وقبله البيهقي حيث قال يشبه إن كان قد حفظه ابن يسار صار منسوخا ويستدل بالإجماع في جواز لبس المخيط بعد التحلل الأول على نسخه انتهى
وهكذا الطحاوي فإنه قال بعد تخريج الحديثين في
(1/7)


" شرح معاني الآثار - (2 / 229) (فهذه عائشة رضي الله عنها تخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في التطيب بعد الرمي والحلق قبل طواف الزيارة بما قد ذكرناه فقد عارض ذلك حديث بن لهيعة الذي بدأنا بذكره في هذا الباب فهذه أولى لأن معها من التواتر وصحة المجئ ما ليس مع غيرها مثله .. )
على أني لا أقول بان حديث عائشة فيه مخالفة ظاهرة لحديث ام سلمة لان عدم ذكر الزيادة لايدل على ذلك ولكن تعليل الشيخ ابن باز قوي في هذا الحكم العام التي توفرت دواعي بيانه امام الناس حيث أنه تحلل والناس يتأسون به ثم أنه لا يسأل عن شي من أعمال ذلك اليوم قدم ولا أخر إلا ويقول افعل ولا حرج افعل ولا حرج وهو في ذلك الجمع الغفير ثم لا ينقل هذا الحكم الا من بيت ام سلمة رضي الله عنها ومن هذه الطرق التي لم تسلم من مقال ومع ذلك ينكر على راويه في زمنه كما اشرنا الى ذلك فكيف مع هذا كله يكون حديث عائشة وابن عباس شواهد مقوية للحديث ؟!!
أما الإجماع فلا يصح فقد حكى الخلاف في المسألة ابن المنذر فيما حكاه عنه
العراقي في طرح التثريب فقال - (5 / 354)
لكن الخلاف في ذلك موجود قال ابن المنذر في الإشراف لما حكى الخلاف فيما أبيح للحاج بعد الرمي وقبل الطواف وفيه قول خامس وهو أن المحرم إذا رمى الجمرة يكون في ثوبيه حتى يطوف بالبيت .
كذلك قال أبو قلابة وقال عروة بن الزبير من أخر الطواف بالبيت يوم النحر إلى يوم النفر فإنه لا يلبس القميص ولا العمامة ولا يتطيب وقد اختلف فيه عن الحسن البصري وعطاء والثوري انتهى . وقد بوب عليه ابن خزيمة بقوله في صحيحه - (4 / 312)
باب النهي عن الطيب و اللباس إذا أمسى الحاج يوم النحر قبل أن يفيض و كل ما زجر الحاج عنه قبل رمي الجمرة يوم النحر ثم ذكر الحديث
لكن نقل ابن خزيمة عن ابن الزبير ما يخالف حديث أم سلمه وأم قيس بنت محصن بما يجعلنا نتوقف في نسبة هذا القول عنه
قال ابن خزيمة في صحيحه - (4 / 303)
(1/8)


باب ذكر الدليل على أن التطيب بعد رمى الجمار و النحر و الذبح
و الحلاق إنما هو مباح عند بعض العلماء قبل زيارة البيت لمن قد طاف بالبيت قبل الوقوف بعرفة دون من لم يطف بالبيت
قبل الوقوف بعرفة
2940 - ثنا محمد بن العلاء بن كريب ثنا شعيب ـ يعني ابن إسحاق عن هشام و هو ابن عروة ـ عن أم الزبير بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إنها أخبرته عن عائشة بنت عبد الرحمن أختها : أن عباد بن عبد الله دخل إلى عائشة بنت عبد الرحمن و لهما جارية تمشطها يوم النحر كانت حاضت يوم قدموا مكة و لم تطف بالبيت قبل عرفة و قد كانت أهلت بالحج و دفعت من عرفات و رمت الجمرة فدخل عليها عباد و هي تمشطها و تمس الطيب فقال عباد : أتمس الطيب و لم تطف بالبيت قالت عائشة : قد رمت الجمرة
و قصرت قال : و إن فإنه لا يحل لها فأنكرت ذلك عائشة فأرسلت إلى عروة فسألته عن ذلك فقال : إنه لا يحل الطيب لأحد لم يطف قبل عرفات و إن قصر و رمى .
قال أبو بكر : فعروة بن الزبير إنما يتأول لهذا الفتيا أن الطيب إنما يحل قبل زيارة البيت لمن قد طاف بالبيت قبل الوقوف بعرفة و لو ثبت خبر عمرة عن عائشة مرفوعا إذا رميتم
و حلقتم فقد حل لكم الطيب و الثياب إلا النكاح لكانت هذه اللفظة تبيح الطيب و الثياب لجميع الحجاج بعد الرمي و الحلق لمن قد طاف منهم يوم عرفة و من لم يطف إلا أن رواية الحجاج بن أرطأه عن أبي بكر بن محمد و لست أقف على سماع الحجاج هذا الخبر من أبي بكر بن محمد إلا أن في خبر أم سلمة و عكاشة بن محصن إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمار أن تحلوا من كل ما حرمتم إلا النساء فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا بالبيت صرتم كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة و هذا لفظ خبر أم سلمة و أم عكاشة مثله في المعنى فإذا حكم لهذا الخبر على ظاهرة دل على خلاف قول عروة الذي ذكرته .انتهى
واليك كلام فحول العلماء في عصرنا حول الحديث والحكم عليه
(1/9)


الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
قال كما في مجموع فتاويه - (25 / 234)
وأما ما يتعلق بعوده محرما كما كان إذا لم يطف يوم العيد. فهذا القول ضعيف وهو خلاف ما عليه أهل العلم وبعضهم حكى إجماع أهل العلم أنه إذا حل ؛ حل حلا كاملا لا يعود حراما بعدما حل إذا لم يطف يوم العيد إذا أمسى ولم يطف. هذا القول قول شاذ ومخالف لما عليه أهل العلم، والحديث ضعيف لا يحتج به، ولو فرضنا أن له شاهدا صحيحا فهو قول شاذ مخالف لما عليه أهل العلم ولما دلت عليه السنة.
وقال كما في المجموع ايضا - (25 / 235)-
حكم من أمسى يوم النحر ولم يطف
س: سمعنا الإجابة عن حديث أم سلمة ، والذي فيه: أن من لم يطف طواف الإفاضة قبل المساء يوم النحر فإن إحرامه يعود عليه، كما كان قبل الرمي، وذكرتم أنه معارض للأحاديث الصحيحة، فكيف عارضها وهو أي الحديث ليس حجة لوحده؟
(1/10)


ج: الأحاديث الصحيحة دلت على الحل، والرسول صلى الله عليه وسلم لما رمى وحلق تطيب قبل أن يطوف، ولم يقل للناس: إنكم إذا أمسيتم ولم تطوفوا عاد إحرامكم، وإنما هذا حديث جاء في بيت أم سلمة ، وهو ضعيف الإسناد، وأما ما في شرح معاني الآثار فهذا ينظر فيه، ولا أظنه صحيحا، وإن قال بعض الناس إنه صحيح، فما أظنه صحيحا، ولو كان صحيحا لم يخف على أئمة الإسلام، من أئمة السنن، والصحيحين وغيرهم من الأئمة المعروفين، حتى اطلع عليه الطحاوي في شرح الآثار، ثم لو صح فهو شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على الحل، فقد حل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما رمى وحلق عليه الصلاة والسلام، ولم يقل للناس على رءوس الأشهاد إن هذا يلزمكم فيه كذا وكذا، وهذه مسائل عظيمة، مسائل عامة لا يكون فيها الأشياء السرية والداخلية في بيت امرأة من النساء، هذه أمور عظيمة، فلو كان هذا شرعا عاما لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس، وأوضحه للناس عليه الصلاة والسلام، ثم الأئمة الأربعة، والجمهور، فهو كالإجماع، وإنما يروى فيها خلاف لعروة بن الزبير ، وإلا فهو كالإجماع من أهل العلم، أن من حل فحله تام، لا يعود للإحرام، وإجماعهم حجة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أخرجه الطبراني في ''المعجم الأوسط'' 8 / 200. لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله فإذا أجمعوا فالطائفة المنصورة منهم، وعروة بن الزبير تابعي قبله الصحابة.
" الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله "
سئل الشيخ رحمه الله عن هذا الحديث ، فأجاب :
"سؤالكم عن حديث أم سلمة رضي الله عنها أن من لم يطف طواف الإفاضة قبل غروب الشمس من يوم العيد عاد محرماً .
أفيدكم بأنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة ، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وذلك من وجوه :
الأول : من جهة سنده ، فإن مداره عند الإمام أحمد وأبي داود وابن خزيمة
(1/11)


على محمد بن إسحاق صاحب السير المعروف ، قال : أخبرنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها ، وفيه : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (إذا أنتم أمسيتم قبل أن تطوفوا بهذا البيت عدتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به) .
فأما ابن إسحاق ففي مفاريده بعض النكارة ، فقد سئل الإمام أحمد عن الحديث ينفرد به
ابن إسحاق تقبله؟ قال : لا والله . وقال محمد بن يحيى : حسن الحديث عنده غرائب .
وقال الدارقطني : اختلف الأئمة فيه، وليس بحجة ، وإنما يعتبر به اهـ "تهذيب" (9/39-46)
ولعل هذا الحديث من مفاريده المنكرة .
وأما أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة فقال فيه في "التقريب" (2/448) : مقبول من الثالثة . وقال فيه في "المحلي" (7/142) : ليس معروفاً بنقل الحديث ، ولا معروفاً بالحفظ ، ولو صح يعني : حديث أم سلمة لقلنا به مسارعين إلى ذلك .
وقد أخرج الطحاوي في شرح "معاني الآثار" (2/228) نحو حديث أم سلمة لكنه عن طريق عبد الله بن لهيعة ، قال فيه في "التقريب" (1/144) : صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما اهـ قلت : وقد ضعفه بعض الحفاظ مطلقاً ، وبعضهم فيما روى عنه غير العبادلة .
فإذا كان هذا سند الحديث لم يروه إلا من في روايتهم نظر ومقال ، وأعرض عنه الأئمة الكبار من نقلة الحديث وحفاظه من رجال البخاري ومسلم وأمثالهم مع أنه في أمر تعم البلوى به ، وتتوافر الدواعي على نقله ، كان ذلك دليلاً على أنه لا أصل له .
(1/12)


الوجه الثاني : من جهة متنه ، فمتنه شاذ ، لأن الأحاديث في الصحيحين وغيرهما ظاهرة متضافرة في أن التحلل الأول يحصل قبل الطواف بالبيت ، بدون قيد وقوعه قبل الغروب مثل قول عائشة رضي الله عنها : (كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت) ولا يمكن أن تقيد بمثل هذا الحديث الشاذ ، ولهذا قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/229) لما ذكر حديث عائشة رضي الله عنها : "فقد عارض ذلك حديث ابن لهيعة الذي بدأنا بذكره في هذا الباب ، فهذه أولى ، لأن معها من التواتر وصحة المجيء ما ليس مع غيرها مثله " اهـ .
الوجه الثالث : من جهة العمل به ، إذ لم يعمل به من الأمة [من] أئمتها وعلمائها إلا نفر قليل من الصحابة . إن صح النقل عنهم . فقد قال الطبري في كتابه "القرى لقاصدي أم القرى" (ص472) حين ذكر الحديث : "وهذا حكم لا أعلم أحداً قال به" اهـ . ونقل النووي في "شرح المهذب" (8/165) عن البيهقي قوله : "لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به . قلت (النووي) : فيكون منسوخاً ، دل الإجماع على نسخه ، فإن الإجماع لا يَنْسخ ولا يُنْسخ ، لكن يدل على ناسخ اهـ فوافق البيهقيَّ النوويُّ على نفي العلم بالمخالف ، بل جعله إجماعاً دالاً على نسخ الحديث ، يعني : لأن الأمة لم تعمل به ، لكن في كلام النووي رحمه الله نظر ، لأن دعوى النسخ تستلزم ثبوت المنسوخ ، والحديث لم يثبت أصلاً حتى يدعى فيه النسخ .
هذا وقد نقل بعض الناس عن عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة أنه قال به ولعله فهم ذلك من قوله فيما نقله عنه الطبري في كتابه "القرى" (ص470) إنه لا يحل الطيب لمن لم يطف بالبيت بعد عرفة وإن قصر . أخرجه سعيد بن منصور . وإنما قلت ذلك لأنه يبعد جداً أن يكون عروة بن الزبير قال بمقتضى حديث أم سلمة ثم يخفى قوله على مثل الطبري والبيهقي
(1/13)


وعلى هذا ؛ يكون معنى قول عروة : إنه لا يحل له الطيب حتى يطوف بالبيت ، وهذا قول مشهور والنزاع في هذا معروف ، والفرق بينه وبين مقتضى حديث أم سلمة بل صريحة أن حديث أم سلمة يدل على أنه يحل قبل الطواف بالبيت لكن إن أخر الطواف عن غروب الشمس يوم العيد عاد محرماً .
أما ما نقله الطبري عن عروة فيدل على توقف حل الطيب على الطواف وبين هذا وذاك فرق ظاهر .
الوجه الرابع :
أن مقتضاه مخالف لمقتضى الأصول الشرعية والقواعد المرعية ، فإن مقتضاها أن العامل متى حل من العبادة لم يعد إليها إلا بنية جديدة ، وهذا مما يضعف ثبوت الحديث ، ولو ثبت لكان القول به واجباً ، وكل قاعدة لها مستثنيات" انتهى
من فتوى مكتوبة بخط الشيخ رحمه الله بتاريخ 5/12/1415هـ .
والله أعلم .
وهذه الفتوى منشورة على الشبكة

وهكذا ضعف الحديث والدنا وشيخنا مقبل بن هادي الوادعي غفر الله له واسكنه الفردوس الاعلى والله أعلى وأعلم .
وبهذا القدر اكتفي والله اسال ان يجعل كتابتي هذه خالصة لوجهه الكريم انه سميع قريب والحمد الله أولا وأخرا ظاهرا وباطنا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

كتبه : ابو حسان سمير بن علي القيسي
في مدينة جدة كان الفراغ منه يوم الاحد
6/12/1430هـ


قرأ البحث على الشيخ ربيع حفظه الله الاخ الفاضل ابو العباس عادل بن منصور بحضرة الاخ الفاضل ابي اسحاق السطائفي وأخبروني ان الشيخ اسحسنه وأعجب به ثم سألته عنه فقال بحث جيد

فجزاه الله خير الجزاء وبارك في الأخوين الكريمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets