الثلاثاء، 15 أغسطس 2017


عمل الصحابة رضي الله عنهم بالقاعدة العظيمة "  كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم " [1]

قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه (824 )
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَهُوَ يَسْأَلُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: هِيَ حَلاَلٌ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عَنْهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَأَمْرَ أَبِي نَتَّبِعُ؟ أَمْ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأخرجه أبو عوانة في المستخرج (3366) وأبو يعلى الموصلي في المسند (9/341)  وجاء فيه (فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: فَإِنَّ أَبَاكَ قَدْ كَانَ يَنْهَى عَنْهَا،
فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكَ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمِلَ بِهَا، أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْخُذُ أَمْ بِأَمْرِ أَبِي؟ قَالَ: لَا بَلْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقُمْ لِشَأْنِكَ )
قال الترمذي حسن صحيح وصححه شيخنا مقبل في الصحيح المسند والشيخ الألباني رحمهما الله تعالى .

فلم يقل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما  فَهْمُ أَبِي خيرٌ من فهمي للشرع فيجب علي اتُّباعٌه ولم يقل هو أعلم مني ولم يرَ في مخالفته انتقاصا له
كما يقول ذلك بعض الناس , ومنهم متعصبة المذاهب عندما تحتج بسنة النبي صلى الله عليه وسلم يقولون هم أعلم بالسنة منك وأفهم للسنة منك ويرمونك بمخالفة منهج العلماء ومنهج السلف !

ولله در الإمام ابن القيم القائل بعد  نقل الخلاف في مسألة التمتع بالحج وحجج القائلين بأنه خاص بالصحابة ونُقل هذا القول عن  عثمان بن عفان وأبي ذر الغفاري رضي الله عنهما  فرد على أصحاب هذا القول بحديث عمران بن حصين وابن عمر المذكور وقول ابن عباس رضي الله عنهما" يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول :
 قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقولون : قال أبو بكر وعمر !

وقال رحمه الله  : فهذا جواب العلماء لا جواب من يقول :

" وأبو ذر أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منكم " !
"فهلا قال ابن عباس وعبد الله بن عمر  أبو بكر وعمر أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منا " ؟ !

ولم يكن أحد من الصحابة ولا أحد من التابعين يرضى بهذا الجواب في دفع نص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وهم كانوا أعلم بالله ورسوله واتقى له من أن يقدموا على قول المعصوم رأي غير المعصوم ..الخ

وفِي " الصَّحِيحَيْنِ " (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: «اجْتَمَعَ علي وعثمان بِعُسْفَانَ، فَقَالَ: كَانَ عثمان يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ أَوِ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ علي: مَا تُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْهَى عَنْهُ؟ قَالَ عثمان: دَعْنَا مِنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَكَ، فَلَمَّا أَنْ رَأَى علي ذَلِكَ، أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا» .هَذَا لَفْظُ مسلم (1223) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ (1569)  
اخْتَلَفَ ( «علي وعثمان بِعُسْفَانَ فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ علي: مَا تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ، أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا» ) .
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَحْدَهُ مِنْ «حَدِيثِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: شَهِدْتُ عثمان وعليا، وعثمان يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى علي ذَلِكَ أَهَلَّ بِهِمَا: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ»
ولفظ النسائي (2723) عن مروان : أن عثمان نهى عن المتعة وأن يجمع الرجل بين الحج والعمرة فقال علي : " لبيك بحجة وعمرة معا "
فقال عثمان أتفعلها وأنا أنهى عنها ؟
فقال علي :( لم أكن لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم لأحد من الناس )

ورحم الله الإمام الشافعي حيث نقل الإجماع هلى هذا الأصل حيث يقول :
 " أجمع النَّاس على أَن من استبانت لَهُ سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن لَهُ أَن يَدعهَا لقَوْل أحد "  إعلام الموقعين (4/40)

وهناك كثير من الأمثلة التطبيقية لهذا الأصل نأتي عليها إن شاء الله تعالى في مقالات متتابعة



[1]  قال الشيخ الألباني رحمه الله فيأصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 23)
نسبةُ هذا إلى مالك هو المشهور عند المتأخرين ، وصححه عنه ابن عبد الهادي في
" إرشاد السالك " (227/1) ، وقد رواه ابن عبد البر في " الجامع " (2/91) ، وابن حزم في
" أصول الأحكام " (6/145 و 179) من قول الحكم بن عُتَيبة ومجاهد ، وأورده تقي الدين
السبكي في " الفتاوى " (1/148) من قول ابن عباس - متعجباً من حسنه - ، ثم قال :
" وأخذ هذه الكلمة من ابن عباسٍ مجاهدٌ ، وأخذها منهما مالك رضي الله عنه ،
واشتهرت عنه " . قلت : ثم أخذها عنهم الإمام أحمد ؛ فقد قال أبو داود في " مسائل الإمام أحمد "
(ص 276) : " سمعت أحمد يقول : ليس أحد إلا ويؤخذ من رأيه ويترك ؛ ما خلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 
(1/27) انتهى

أقول ما اشار أليه عن ابن عباس قد جاء عنه مرفوعا 
قال الإمام الطبراني في الكبير  (11/ 339) رقم (11941)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا، رَفَعَهُ قَالَ: «لَيْسَ أَحَدٌإِلَّا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَدَعُ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1/ 179) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ. اهـ

ومالك بن دينار قال فيه الحافظ " صدوق "  وأبو عبيدة الحداد هو عبدالواحد بن واصل السدوسي قال الحافظ " ثقة تكلم فيه الأزدى بغير حجة " ووثقةالذهبي  وزياد بن أيوب ثقة حافظ وأحمد بن عمرو البزارهو صاحب المسند الحافظ قال الدارقطني ثقة يخطىء كثيرا ويتكل على حفظه وقال أيضا يتكلمون فيهيخطىء في الإسناد والمتن .
والحديث ذكره ملا علي قاري في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (ص: 268) وزاد على ما هاهنا بقوله : وَقَالَ السُّيُوطِيُّ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِيزَوَائِدِ الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ "مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُدَعُ غَيْرَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " انْتَهَى .

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets